من مقاصد الشّريعة الإسلاميّة الغرّاء حفظ النّسل ، لأجل ذلك حرّمت الشّريعة كلّ أشكال الإعتداء على النّسل و التّدخل فيه بما ينافي الشّريعة و يغضب الله سبحانه و تعالى ، فقد أبطل الإسلام عادة وأد البنات في الجاهليّة ليؤكّد على حقّ كلّ نفسٍ تخرج إلى الحياة الدّنيا بالعيش حياةً طيّبةً كريمة ، و إنّ البشريّة حين تتناسل و تتوالد فأنّها تتكاثر لتشكّل قوّةً للأّمّة الإسلاميّة ، و قد حثّ النّبي صلّى الله عليه و سلّم على التّكاثر بقوله تزوّجوا الولود الودود فإنّي مفاخر بكم الأمم يوم القيامة ، فكلّ مولودٍ يخرج إلى الدّنيا يعتنق دين التّوحيد يشكّل لبنةً في بنيان الأمّة تزيدها قوةً و صلابة ، و خاصّةً حين يربّى المولود على الأخلاق الحميدة و الصّفات الحسنة ، و إنّ جيوش المسلمين التّي تشكّل درعاً واقياً للأمّة تتشكّل من النّسل الصّالح و النّشأ الذي تربّى على قيم الدّين و الدّفاع عن الأمّة ، لذلك كان الحفاظ على النّسل هو من مقاصد الشّريعة و أهدافها .
و إنّ هناك قضيّة يثار حولها الجدل كثيراً و خاصّة في أيّامنا المعاصرة حيث كثرت مسؤوليّات الحياة و أصبح الإنسان منشغلاً دائماً في تحصيل قوت يومه ، فأصبح الكثير من النّاس يفكّرون في تحديد النّسل لأنّه بظنّهم يشكّل عبئاً عليهم ، و الحقيقة التي يجب أن يدركها المسلمون هو أنّ الرّزق بيد الله سبحانه و تعالى وحده ، فكما يرزق الله السّباع و الطيور في البراري فإنّه تكفّل برزق الإنسان ، و قد تقرّرت تلك القاعدة في الآية الكريمة حيث قال تعالى ( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ) ، فلا ينبغي للإنسان الالتفات لمسألة الرزق لأنّ الله تكفّل برزق المولود و هو في بطن أمّه جنيناً ، حيث مدّه الله تعالى بأسباب الحصول على الطّعام بشكلٍ يعبّر عن عظمة الخالق سبحانه و تعالى .
لذلك حرّم معظم علماء الأمّة مسألة تحديد النّسل إلا لضروراتٍ حتميّةٍ تقدّر بقدرها منها الخشية على الأمّ بوقوع ضررٍ عليها متحقّقّ من كثرة الحمل و الولادة أمّا تنظيم النّسل فالرّاجح جوازه لفعل الصّحابة الكرام حين كانوا يعزلون أيّام الرّسول عليه الصّلاة و السّلام فلا ينكر ذلك عليهم .
المقالات المتعلقة بحكم تحديد النسل